Saturday, June 2, 2007

مختارات من كليلة ودمنة

يُحكى أن قنبرة اتخذت أدحية (وكراً) وباضت فيها على طريق الفيل, وكان للفيل مشرب يتردد إليه, فمر ذات يوم على عادته ليرد مورده فوطئ عش القنبرة وهشم بيضها وقتل فراخها. فلما نظرت ماساءها علمت أن الذي نالها من الفيل لا من غيره, فطارت فوقعت على رأسه باكية, ثم قالت: أيها الملك, لِمَ هشمت بيضي وقتلت فراخي وأنا في جوارك؟ أفعلت هذا استصغاراً منك لأمري واحتقاراً لشأني؟
قال: هو الذي حملني على ذلك!!
فتركته وانصرفت إلى جماعة الطير فشكت إليها مانالها من الفيل. فقلن لها: وماعسى أن نبلغ منه ونحن طيور؟, فقالت للعقائق والغربان: أحب منكن أن تصرن معي إليه فتفقأن عينيه, فإني أحتال له بعد ذلك بحيلة أخرى.
فأجبنها إلى ذلك وذهبن إلى الفيل, فلم يزلن ينقرن عينيه حتى ذهبن بهما, وبقي لايهتدي إلى طريق مطعمه ومشربه إلاّ مايقمه من موضعه.
فلما علمت ذلك منه جاءت إلى غدير فيه ضفادع كثيرة, فشكت إليها مانالها من الفيل, قالت الضفادع: ماحيلتنا نحن من عظم الفيل, وأين نبلغ منه؟, قالت: أحب منكن أن تصرن معي إلى وهدة (هوّة) قريبة منه, فتنققن فيها وتضججن. فإذا سمع اصواتكن لم يشك في الماء, فيهوى فيها. فأجبنها إلى ذلك وإجتمعن في الهاوية, فسمع الفيل نقيق الضفادع, وقد جهده العطش, فأقبل حتى وقع في الوهدة, فاعتطم (هلك) فيها.
وجاءت القنبرة ترفرف على رأسه قائلة: أيها الطاغي, المغتر بقوته, المحتقر لأمري, كيف رأيت عظم حيلتي مع صِغَر جثتي, عند عِظَم جثتك وصِغَر هِمتك!
إنتهت القصة ......
_____________________________________
المغزى: العاقل قد يبلغ بالحيلة ما لا يبلغ بالخيل والجنود.

No comments: